تجمّع المئات من المواطنين المتضررين من مشروع محور عمرو بن العاص أمام مقر هيئة المساحة بالدقي، أمس الإثنين، في مشهد يعكس عمق الأزمة الاجتماعية والإنسانية التي خلفها المشروع منذ انطلاقه قبل أكثر من ثلاث سنوات، حيث لا تزال الأسر التي فقدت منازلها تنتظر التعويضات الموعودة أو البدائل السكنية التي لم ترَ النور حتى الآن.
رفع المحتجون لافتات كتب عليها عبارات تعبّر عن غضبهم وحيرتهم، وهتفوا بصوت واحد: "هديتوا بيوتنا وشردتونا في الشوارع!"، في محاولة لإيصال صوتهم إلى المسؤولين بعد سلسلة طويلة من الوعود الحكومية التي لم تُنفذ.
وأكد عدد من الأهالي أن منازلهم أُزيلت لصالح المشروع دون حصولهم على أي تعويض فعلي حتى اللحظة، رغم وعود الجهات المختصة بتقدير قيم عادلة للعقارات وتوفير مساكن بديلة في مناطق قريبة.
وعود تتبخر ومعاناة مستمرة
المتضررون أوضحوا أن معاناتهم لم تبدأ اليوم، بل تمتد منذ لحظة بدء الإخلاءات في مناطقهم بالقاهرة القديمة، حين تم الإعلان عن مشروع محور عمرو بن العاص كجزء من خطة الدولة لتوسيع الطرق وتطوير البنية التحتية.
لكن مع مرور السنوات، تحوّل الحلم بالتطوير إلى كابوس حقيقي بالنسبة لهم، بعدما وجدوا أنفسهم بلا مأوى أو تعويض مالي يمكنهم من بدء حياة جديدة.
يقول أحد المشاركين في الوقفة، ويدعى محمود عبد الجواد، وهو أب لخمسة أطفال: "قالوا لنا التعويضات جاهزة، وكل يوم نروح نراجع نسمع نفس الكلام: (استنوا شوية). بقينا مش عارفين نأكل أولادنا ولا نلاقي إيجار شقة نعيش فيها".
ويضيف آخر: "بيوتنا راحت في لحظة، ومفيش مسؤول بيسأل فينا. المشروع خلص، بس الناس اتشردت".
البعد الإنساني الغائب
ورغم أن مشروعات التطوير العمراني تمثل – من وجهة نظر الحكومة – خطوة ضرورية لتحسين شبكة الطرق وتجميل العاصمة، فإن المراقبين يرون أن غياب البعد الإنساني في التعامل مع السكان جعل من هذه الخطط عبئًا اجتماعيًا على آلاف الأسر التي تم تهجيرها دون حلول واقعية.
ويشير خبراء في الشأن العمراني إلى أن التعويضات الحكومية، حين تُصرف، لا تغطي فعليًا القيمة السوقية للمنازل المهدمة، ولا تكفي لاستئجار مسكن بديل في المناطق القريبة، ما يدفع كثيرين للعيش في أوضاع معيشية صعبة أو في ضواحي بعيدة عن مقار أعمالهم ومدارس أبنائهم.
ويرى مراقبون أن ما يحدث في محور عمرو بن العاص ليس حالة استثنائية، بل جزء من نمط متكرر في عدة مناطق بالقاهرة، ضمن ما يسميه الأهالي بـ "سياسات البلدوزر"، التي تعتمد على الهدم قبل إيجاد البدائل.

